طرح المستخدم eldodvvv في أول فقرة سؤالاً وجودياً مثقلاً بالقلق والمرارة حول مستقبل الحكم في مصر، وسأل عن السيناريو المحتمل لنهاية عبد الفتاح السيسي، بين ثورة جذرية تطيح به، أو نهاية طبيعية، أو انتقال سلس داخل الدائرة نفسها، كما عبّر عن خوفه من توريث غير معلن على غرار ما جرى في حقبة سابقة.

 

ناقش موقع ريديت عبر مجتمع r/Egypt مئات الآراء المتباينة التي عكست حالة إحباط عميقة وشعوراً بانسداد الأفق السياسي، حيث توزعت الردود بين تشخيص واقعي لنمط الحكم القائم، ونبرة يأس سوداء ترى المستقبل نسخة مكررة من الحاضر.

 

هيمنة الدولة وتحييد المجال العام

 

رأى عدد من المستخدمين، وعلى رأسهم crispystrips، أن المشهد الحالي يتجاوز في مركزية السيطرة ما عرفته مصر حتى في عصور عبد الناصر والسادات. وصف هذا المستخدم حالة الدولة بأنها جرفت المجال العام وجرّدته من السياسة، مع بقاء مساحات ترفيهية واجتماعية تعمل بلا روح سياسية. اعتبر أن المواطن يعيش حرية شكلية، يحضر حفلات ويذهب إلى السينما، لكنه يفتقد أي قدرة حقيقية على الاعتراض أو التعبير المنظم أو الاحتجاج على الأسعار أو السياسات.

 

أوضح هذا الاتجاه أن الاعتياد لعب دوراً خطيراً في تكريس الصمت، حيث تعود المجتمع على اللجوء إلى السلطة بدلاً من محاسبتها، فصارت الدولة المرجع الوحيد لكل شيء. أشار أصحاب هذا الرأي إلى أن الحلول الثورية لا تبدو حاضرة في الوعي الجمعي، وأن نهاية الحكم على الأرجح ستأتي بشكل تقليدي عبر انتقال هادئ داخل نفس الدائرة الحاكمة، سواء إلى أحد أفراد العائلة أو إلى شخصية محسوبة على المؤسسة ذاتها.

 

وصف بعض المشاركين هذا الوضع بأنه أقرب إلى نموذج ملكي غير معلن، تسيطر فيه النخبة العسكرية على مفاصل الدولة، بينما يظهر الرئيس واجهة سياسية لهيكل أعمق وأكثر رسوخاً. ربطت هذه القراءة بين الانسحاب التدريجي للسياسة من الحياة اليومية وبين تراجع فكرة الثورة كخيار ممكن أو مطروح.

 

صوت الغضب واليأس الشعبي

 

عكس المستخدم eldodvvv في تعقيباته نبرة غضب شديدة، حيث رأى أن تجاهل السياسة هو مانع أساسي لأي وعي جماهيري قد يقود إلى التغيير. اعتبر أن التفكير الجماعي الحر لو حدث لتحول إلى ثورة حقيقية، لكنه يرى أن الناس غارقة في يوميات مرهقة وموسم معيشة قاسٍ يشبه سباقاً بلا نهاية، حيث يقول الجميع: “ماشي الحال” رغم التآكل البطيء.

 

عبّر آخرون مثل MessageCautious749 عن يأس صريح، مؤكدين أن النهاية ستكون هادئة وعادية، وأن الشارع فقد أي طاقة للتمرد، واصفين الواقع بأنه بلا أمل، وأن مصر باتت أسيرة دورة مغلقة لا تسمح بتبدل جذري. استخدم هؤلاء لغة قاسية، لكنها كشفت عمق الإحباط المتراكم عبر سنوات طويلة من القمع الاقتصادي والسياسي.

 

ذهب مشارك آخر إلى رؤية قدرية قاتمة، ربط فيها نهاية الحكام بلعنة تاريخية، واعتبر أن كل رئيس حكم مصر لم يعرف نهاية سعيدة، وهو خطاب يعكس أزمة ثقة عميقة في المؤسسات وفي فكرة العدالة التاريخية نفسها.

 

بين الواقعية السياسية وحلم البديل

 

قدّم بعض المستخدمين رؤية أكثر عقلانية، حيث طالبوا بالتركيز على بناء بديل مدني واضح بدلاً من الرهان على انفجار ثوري عشوائي. دعا هؤلاء إلى التعلم من أخطاء عام 2011، وإلى نشر الوعي السياسي الهادئ طويل المدى، مع خطة واضحة تنتج قيادة مدنية قادرة على إدارة الدولة بعيداً عن هيمنة العسكر. لكنهم في الوقت نفسه أقروا بصعوبة هذا المسار، لأن الدولة لا تسمح بتكوّن معارضة قوية أو بنية تنظيمية مستقلة.

 

أكد هذا التيار أن المشكلة لا تكمن فقط في رأس السلطة بل في البنية الكاملة التي تحيط بها، حيث تسيطر المؤسسة العسكرية على الاقتصاد والإعلام والإدارة، ما يجعل أي رئيس مدني مجرد واجهة رمزية. رأى هؤلاء أن التغيير الحقيقي يحتاج زمناً طويلاً ونضجاً مجتمعياً، وليس مجرد لحظة غضب.

 

في المقابل، استمر آخرون في طرح سيناريوهات متشائمة ترى أن المستقبل يكرر الماضي، وأن أي انتقال قادم سيعيد إنتاج نفس النهج والسياسات، مما يعمّق الإحساس بالدوران في حلقة مغلقة.

 

قراءة في المزاج العام

 

كشفت المناقشة على ريديت عن خليط متناقض من الغضب واليأس والواقعية الحذرة. لم يظهر خطاب ثوري واضح، بل سادت لغة التوقع البارد لنهاية طبيعية يتبعها انتقال محسوب، مع اعتراف ضمني بأن النظام نجح في إعادة تشكيل المجال العام ليصبح منزوع السياسة.

 

أبرز النقاش أزمة ثقة شاملة بين المواطن والسلطة، وأظهر كيف تحوّل الخوف إلى عادة، والصمت إلى نمط حياة. عكس الحوار أيضاً إدراكاً متزايداً بأن المشكلة أعمق من شخص واحد، وأن البنية الحاكمة صممت لتبقى وتعيد إنتاج ذاتها مهما تغيّرت الوجوه.

 

في النهاية، رسمت هذه الآراء لوحة قاتمة لكنها صادقة لمزاج شريحة من المصريين على منصات التواصل، حيث يتجاور الحنين إلى التغيير مع الإحساس بعجزه، وتتصادم الرغبة في الخلاص مع واقع ثقيل يفرض منطقه ببطء وثبات. يبدو أن السؤال عن نهاية الحكم لم يكن مجرد استفسار سياسي، بل كان مرآة لقلق وجودي أوسع حول معنى المستقبل ذاته في بلد فقد كثيرون فيه القدرة على التخيل.

 

https://www.reddit.com/r/Egypt/comments/1nouilg/%D8%AA%D9%81%D8%AA%D9%83%D8%B1_%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D9%8A_%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A/?tl=en